السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،
عائشة أم المؤمنين المفترى عليها
* من الموبقات المهلكات ومن الظلم العظيم " البهتان " ، والبُهْتانُ : هو الافك والكذبُ ، أي معناه أَن يقول فـي انسان ما لـيس فـيه ، وهو الإفتراء ، وهو الباطل ، أي يفتري أحدهم على آخر كذباً وباطلاً ظلماً وزورا ، وقد حذَّر الله من ذلك مهدداً مرتكبيه بقوله تعالى
{ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً } (الأحزاب:58)
وعقابه جاء على لسان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال " من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج " صحيح الجامع ،
وطينة الخبال هو كما بينه الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام في أحاديث عدة منها : إنه صديد أهل النار ، ومنها : إنه عصارة أهل النار ، ومنها : إنه عرق أهل النار ، أي هو مما لا شك فيه إنه عصارة ما يخلفه الجسد بعد حرقه والعياذ بالله ، وهذا المكان هو سجن في أسفل جهنم والعياذ بالله ، قياساً على هذا الحديث " يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال " صحيح الجامع.
عافاني الله وإياكم منه ومن كل شيء يقربنا إلى النار .
*- من هذا المنطلق اخوتي في الله أحذر نفسي أولاً ثم أحذركم مما حذَّر منه محمد صلى الله عليه وسلم صحبه ، وهو إياكم ثم إياكم أن تطلقوا العنان لألسنتكم فتتركوها دون لجام تحصد يمنى ويسرى فترديكم في جهنم على وجوهكم فتكونوا من الخاسرين .
فقد جاء عن أبي هريرة قال قال عليه الصلاة والسلام " من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة " صحيح الترغيب ، أي وقاه الله شر لسانه وفرجه .
وقال أيضاً إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا . صحيح الجامع
وقال أيضاً لمعاذ " ألا أخبرك بملاك ذلك كله كف عليك هذا - وأشار إلى لسانه - قال يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " صحيح الجامع
وجاء أيضاً " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار قال الفم والفرج وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال تقوى الله وحسن الخلق صحيح الترغيب .
وقال أيضاً " لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه "
*- فكيف بمن يطلق لسانه على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم أخص
الناس وهن الصحابيات الكريمات زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين على الاطلاق من مؤمني الإنس والجن
ومن لم يقر أن عائشة كسائر زوجات النبي عليه الصلاة والسلام أنها أم له فهو كافر بالقرآن خارج من ملة الإسلام
كما قال ابن عباس استناداً لقوله تعالى { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ }
قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تسبّوا أحدا من أصحابي فان أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدركمد أحدهم ولا نصيفه ) رواه البخاري ومسلم
*- قال ابو بكر بن عياش : ما سبقهم ابو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وقر في قلبه . وهكذا سائر الصحابة حصل لهم بصحبتهم للرسول ، مؤمنين به مجاهدين معه ، ايمان ويقين لم يشركهم فيه من بعدهم . رواه البخاري ومسلم
وقال العلامة الشوكاني : ( فانظر الى هذه المزية العظيمة ، والخصيصة الكبيرة التي لم تبلغ من غيرهم انفاق مثل الجبل الكبير من الذهب نصف المد الذي ينفقه الواحد منهم ، فرضي الله عنهم وارضاهم .
*- وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم … الحديث ) رواه البخاري ومسلم
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من سب اصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ) أنظر الصحيحة
قال الامام الآجري : ( ومن سبهم فقد سب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن سب رسول الله استحق اللعنة من الله عز وجل ومن الملائكة ومن الناس اجمعين )
وقال ايضا : ( لقد خاب وخسر من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه خالف الله ورسوله ولحقته اللعنة من الله عز وجل ومن رسوله ومن الملائكة ومن جميع المؤمنين ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، لا فريضة ولا تطوعا ، وهو ذليل في الدنيا ، وضيع القدر ، كثّر الله بهم القبور ، واخلى منهم الدور )
قال المناوي : ( من سب اصحابي ) أي شتمهم ( فعليه لعنة الله والملائكة والناس ) أي الطرد والبعد عن مواطن الأبرار ومنازل الأخيار والسب والدعاء من الخلق اجمعين )
*- وقال صلى الله عليه وسلم : ( النجوم أمنة للسماء فاذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد . وانا امنة لأصحابي فاذا ذهنت اتى اصحابي ما يوعدون واصحابي امنة لأمتي ، فاذا ذهب اصحابي اتى امتي ما يوعدون ) رواه مسلم
*- وقال صلى الله عليه وسلم ايضا : ( ياتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس فيقال لهم : فيكم من راى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : نعم فيفتح لهم ، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم :
فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم ، فيفتح لهم ، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم هل فيكم من راى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون : نعم ، فبفتح لهم " رواه البخاري ومسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( استوصوا باصحابي خيرا ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم … ) .
وفي رواية : ( أحسنوا الى اصحابي ) ، وفي رواية : ( احفظوني في اصحابي ) ، وفي : ( رواية أكرموا أصحابي ) ، وفي اخرى : ( أوصيكم بأصحابي ) صحيح الترمذي .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني . والله لا تزالون بخير ما د ام فيكم من راى من رآني وصاحب من صاحبني ، والله لا تزالون بخير ما د ام فيكم من راى من راى من رآني وصاحب من صاحب من صاحبني ) رواه ابن ابي عاصم في السنة وابن ابي شيبة وحسن اسناده الحافظ في الفتح
وقال صلى الله عليه وسلم : ( اذا ذكر اصحابي فامسكوا ، واذ ا ذكر النجوم فأمسكوا واذا ذكر القدر فأمسكوا ) السلسلة الصحيحة .
ومعنى ( اذا ذكر اصحابي فأمسكوا ) قال ابو الحسن الأشعري في ( رسالته الى أهل الثغر ) ( قال اهل العلم : ومعنى ذلك لا تذكروهم الا بخير الذكر ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( ان الله تعالى قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه ، فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وان سألني لأعطينه ، ولئن استعاذ بي لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وانا اكره مساءته ) رواه البخاري
ولا شك عند كل ذي عقل سليم وخلق كريم ودين قويم ان الصحابة هم اول من يتصف بالولاية اتصافا اوليا .
قال الشوكاني رحمه الله : ( اعلم ان الصحابة لا سيما أكابرهم الجامعين بين الجهاد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والعلم بما جاء به وأسعدهم الله سبحانه وتعالى بمشاهدة النبوة وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السراء والضراء ، وبذلهم انفسهم وأموالهم في الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى حتى صاروا خير القرون بالأحاديث الصحيحة . فهم خيرة الخيرة ،لأن هذه الأمة هي كما اكرمهم الله به بقوله : ( كنت خير أمة أخرجت للناس ) ، وكانا الشهداء على العباد كما في القرآن العظيم فهم خير العباد جميعا ، وخير الأمم سابقهم ولاحقهم ، واولهم وآخرهم وهؤلاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم هم خير قرونهم ، وأفضل طوائفهم الى يوم القيامة .
فتقرر بهذا ان الصحابة رضي الله عنهم خير العالم بأسره من أوله لآخره ، لا يفضلهم أحد الا الأنبياء والملائكة ، ولهذا لم يعدل مثل أحد ذهبا مد أحدهم ، ولا نصيفه .
فاذا لم يكونوا رأس الأولياء ، وصفوة الأتقياء ، فليس لله أولياء ولا أتقياء ولا بررة ولا أصفياء قد نطق القرآن الكريم بان الله قد رضي عن أهل بيعة الشجرة وهم جمهور الصحابة اذ ذاك